رواية الشيخ والبحر, رواية ولا كل الروايات

الشيخ والبحر:آرنست همنغواي(نال عليها جائزة نوبل) THE OLD MAN & THE SEA صدرت عام 1952


كان يمكن أن لا تلفت القصة نظر أحد من الناس، ولكن قيمتها في رمزيتها نوعيتها وليس في كم الأحداث التي تضمها بين دفتيها.
وما هي إلا قصة رجل كبير في السن، يعمل صياداً ويخوض ذات مرة عباب البحر بقاربه الصغير ليصطاد سمكة لا بد أن تكون هذه المرة كبيرة. ويسرد الكاتب تفاصيل الصيد الدقيقة، حتى يصطادها. وللتعبير عما في نفس الكاتب من أفكار، وبما أنه ليس فيها من بطل (ما خلا صفحات قليلة في أولها وآخرها) إلا الشيخ الذي يحدث نفسه تارة ويفكر بصوت عالٍ تارة أخرى، ويخاطب السمكة أو البحر أو حتى إلهه.
ورغم أن يديه تشققتا ونال من التعب ما نال، حتى اصطاد هذه السمكة التي بلغ طولها 18 قدماً إلا أنها في طريق العودة أكلتها أسماك القرش، فوصلت إلى الشاطئ جرداء ولم يأخذها، بل أعطاها للصبي ال>ي كان يخدم الصيادين..
الحكمة من القصة: أن هذا الشيخ الطاعن في السن مصرّ على تحقيق أهدافه، والوصول إلى حيث يقصد ولو كان آخر البحر، والعودة بفريسته، ولو أكلها غيره فقد بقي منها ما يعطيه للصبي الذي يرى فيه مستقبلاً لن يعمّر حتى الوصول إليه.
فهمنغواي يصور في الرواية لذة الكفاح حتى آخر العمر، وكذلك فائدة التجربة التي كثيراً ما تغني عن القوة، وأثر الحاجة التي هي أم الاختراع، وطاقة الرجولة في الصبر على المكاره.. إلى أن يصل بالرواية إلى السمكة التي لم يبق منها إلا عظمها وذيلها ليصبحا حديث الناس من مقيمين أو وافدين.
فكما يقول أحد كبار النقاد: "أنصح أهل الحكمة بقراءة الرواية ثلاث مرات للوصول إلى أعماق همنغواي. فإذا كنت من أهل الحكمة أدركت الهدف الأخير، وهو أن لكل مجاهد أجره، وإن لم يستطع المجاهد أن يلمس جوهر هذا الأجر، فإنك أيها القارئ، تلمسه في كلمة طيبة تقال عن هذا المجاهد، فتصبح عطراً في سيرة حياته بعد أن تحترق ذبالة النور الأخيرة في هذه الحياة".
كعود الطيب: يزيده الإحراق طيباً.