من منا لم يسمع عن نابغة العصر في الكتابة والرواية,وهو الروسي ليو تولستوي وعن مؤلفاته الرائعة.
ان روايته المشهوره: الحرب والسلام تعتبر أروع روايات العصر,فقد بدأها عام 1863، واستغرق إنجازها ست سنوات متواصلات. وهي ملحمة تاريخية تغطي مساحة زمنية طويلة، وتركز على مرحلة اجتياح نابليون لروسيا وما قبلها وما بعدها، وتشتمل على ستمائة شخصية تتبع تولستوي حياة كل منها، وأضاء العوالم الداخلية فيها،وهو أمر مدهش ندر حصوله.
ان الرائعة الثانية لتولستوي,والتي قل صيتها نسبيا لرواية الحرب والسلام,خاصة لدى القارئ العربي هي رواية أنا كارنينا. وقد أتمها سنة 1877 وقد بدأها بالعبارة التالية: (كل الأسر السعيدة متشابهة، أما الأسر التعيسة فلكل منها قصتها المختلفة، وتعاستها الخاصة المميزة). والرواية وتدور حول امرأة أرستقراطية فشلت في حياتها الزوجية وفيما بعدها مما دفعها إلى الانتحار بأن ألقت بنفسها تحت عجلات قطار.
ربما يبدو للوهلة الأولى أن الرواية هي غرامية-رومانسية ولكن في الحقيقة هي أعمق وأعمق من ذلك. ففيها وصف مذهل للمجتمع الروسي في تلك الحقبة الزمنية والادهى من ذالك فيها وصف وسرد عجيبين للمشاعر الانسانية وتقلباتها,وصراعاتها مع الأفكار والطموح,كما ويعالج فيها العديد من القضايا الجتماعية والأخلاقية.
كما وانه تتفاعل في داخلها صراعات كثيرة، أبرزها ما بين القلب والعقل أو بين الحب والواجب، وما بين القديم والجديد، وما بين العبودية والعدالة أو المساواة. وبعد كل ذلك أنا كارنينا هي عصارة جهد تولستوي وفيها الكثير من نفسه، ومن أرائه، ومثله وتجاربه الشخصية التي يجسدها غالباً البطل الريفيّ ليفين، ويجسد بعضها ألكسيس كارنين، وهي إلى جانب ذلك لوحة تصور المجتمع الروسي في أدق مرحلة من مراحل تاريخه، فتكشف علله وتناقضاته، وطبيعته وتقليده للغرب، وفيها نفحة إنسانية لا مثيل لها في الأعمال الروائية، وتولستوي في روايته هذه مؤمن في العمق فهو ما فتئ يبشر بالمحبة، ويذوب رحبة، ويغفر لمن أساء إليه، ويرفض أن يكون أول من يرمي الآنية بحجر، بيد أنّه بقي في مسألة الزواج مقيّداً بحدود الشريعة والقانون.
ولمن يحب القراءة والتعمق في نفسية الانسان وعواطفه,فهذه الروايه رائعة وتعطيك منظور أخر للمشاعر الانسانية.