السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..,
من كتاباتي القديمة ومن دفتري الذي كنت قد سميته المكنون .. انتزعت هذه
الخاطرة العتيقة الجديدة بقوة .. فكل ما في هذا الدفتر (مكنون ومضنون) يأبى
الخروج من بين جلدتي الدفتر ..,
خاطرة ذكرتني ببداية مداعبتي للقلم ؟؟ لعلها تحرك مشاعركم كما حركت لي في
الماضي مشاعر ..,
"العطر والزجاجة"
على شفا جرف عال .. كنت أرنو للسماء
بالسديم كنت ألهو .. بالنجوم كنت أشدو .,
في ربيع لم يجرّع بالخريف ..,
وقفت على أعتاب عمر جديد أوربما طفل وليد..,
التباهي والغرور يترنح بين أضلع عنفواني..
أترقب ذلك البعيد القادم بتأمل وأمل شغوف..
وأُشرِف على الماضي بجبروت الباطش الطائش..
لم أخَف من علوّ الجرف ولا من هشاشة أرضه..
ولم تكن تلك الرياح الهمجية ولا الهوة السحيقة ذات بال ..,,
لمحتها تتراقص على سمفونية الأمواج..
دعتني إليها أوتار الكرنفال ..
ابتسمت لسكرها المتراقص وقت الغروب..
تملكني الفضول لاشتمام عبيرها الفواح..
يا نفس كفي .. كم تظني لتضني..
هَرعتُ إليها في جنون جامح..
وقد بنيت شواهق من الحلم الطامح..
غير آبه بالغرور والتباهي..
غير آسف على الماضي..!
كل همّي كلُ شيء قد يُثير انتباهي..,
في لحظة..!! تناسيت فيها الماضي والمكان
نزلت وقد تنازلت عن كبريائي وشموخي
وبين الزحام وكثرة الأمواج رأيتها .. نعم رأيتها.!!
أسابق ظلي لهفاً وراء رقرقتها من خلف الزجاجة..,
لم أتبين أهي الزجاجة أم عطرها الرقراق!!
لعل نسيمها يتثنى في السماء..
لعل عبقها ينتشر في الهواء..
تتسارع الأقدام والآمال وقد زاد الرجاء..
حين صارت في أكفي ..
لا سبيل للبوح بِطُهرها وتجرّع سمّها..
إلا بِكَسرِها .., واستِخراجِ عِطرِها ..
أرجوك .. هشّمها بلطف !!!
لم تكن إلا زجاجة!!
لم تكن عطراً ولا ماء ولا أيضاً هواء..
ذاب حلمي في محيط قد جمعنا في خِضمّه..
لم تكن إلا زُجاجة .. فارغة مثل الفضاء ..
علمتني حينها كيف يكون الستر في كشف الغطاء..
والتعري قد يكون من خلف الثياب..
وأن العطر في الزجاجة أشبه بالسراب..
لا دراسة مُنظّر .. أو فراسة مُفكّر تكتشفها..
لم تكن إلا زجاجة!!
لم تكن عطراً ولا ماء ولا أيضاً هواء ..!!
ذاب حلمي في محيط قد جمعنا في خِضمّه..
لم تكن إلا زُجاجة .. فارغة مثل الفضاء ..