رام الله- عمان- تصدى المصلون الفلسطينيون أمس لاقتحام قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي والمتطرفين اليهود للمسجد الأقصى المبارك، وسط صمت دولي مطبق وموقف عربي إسلامي لم يرتق إلى خطورة وضع ينذر بالتفجر
وكان قد أصيب امس، نحو 60 مصليا بالرصاص والاختناق بالغاز المسيل للدموع، إثر عملية الاقتحام والمواجهات التي شهدتها باحات المسجد التي تحولت الى ساحة حرب حقيقية.
وقال شهود عيان في القدس، إن عيادة المسجد الأقصى سجلت نحو 60 إصابة بالرصاص المغلف بالمطاط، والغاز المسيل للدموع، وجراء تعرض البعض للضرب المبرح من قبل شرطة الاحتلال الإسرائيلي، من بينهم أربعة فلسطينيين أصيبوا بعيارات معدنية في أعينهم.
وكانت قوات كبيرة من شرطة الاحتلال اقتحمت بشكل مفاجئ بعد صلاة الجمعة باحات المسجد الأقصى، وبدأت بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت باتجاه المصلين بشكل استفزازي.
اللعب بالناروأضاف الشهود أن مواجهات اندلعت بين المصلين وأفراد شرطة الاحتلال، وقامت الأخيرة بإطلاق وابل من قنابل الغاز والعيارات المعدنية المغلفة بالمطاط، والاعتداء على المصلين بالضرب، ما أدى إلى إصابة العديد منهم.
وأغلقت شرطة الاحتلال كافة مداخل المسجد الأقصى، وحشدت المئات من أفرادها على باب المغاربة، وانتشرت بكثافة في باحات الحرم القدسي وحاصرت المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة، تمهيدا لعملية اقتحام واسعة.
من جهتها قالت الاذاعة العبرية الرسمية ان 15 جنديا اسرائيليا اصيبوا بجراح، فيما دفعت قوات الاحتلال بأعداد كبيرة من القوات الخاصة وحرس الحدود الى المنطقة. وفي وقت لاحق زعمت قوات الاحتلال أنها انسحبت من ساحات المسجد الاقصى وأنها اعادت انتشارها حول الحرم القدسي.
واستنكر الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، عملية الاقتحام الإسرائيلي لباحات المسجد الأقصى، وقال "إن إسرائيل تلعب بالنار وتجر المنطقة إلى حروب دينية".
وأضاف في بيان تلقت "الغد" نسخة منه، أمس (الجمعة)، أن إسرائيل بممارساتها تخلق مناخا سلبيا ومناخا للتطرف والعنف، وتتهرب من استحقاقات عملية السلام وغير معنية بالوصول إلى اتفاق سلام، وقال "لا بد من ضغط فعلي على إسرائيل حتى تلاقي الجهود الأميركية المبذولة لإحياء عملية السلام بعض النجاح".
القدس والقمة العربيةوأعرب أبو ردينة عن أمله بأن تخرج القمة العربية القادمة بقرارات عربية فعلية لحماية القدس والأرض الفلسطينية، وخاصة أن هناك خطة فلسطينية متكاملة بخصوص موضوع القدس، وقال: نأمل أن يتم التوافق عليها بصورة كاملة ويتم دعمها بالمال وفي مختلف المحافل الدولية.
ودعا الإدارة الأميركية إلى اتخاذ إجراءات حقيقية ورادعة للحكومة الإسرائيلية التي لا تستمع إلى لغة العقل ولا تهتم بأي انتقاد، وإلزامها بالتوقف عن هذه الإجراءات التي ليست فقط تضر بعملية السلام بل تخلق مناخا للعنف وهذا ما لا نريده.
وقال خطيب المسجد الأقصى المبارك رئيس الهيئة الإسلامية العليا في مدينة القدس المحتلة الشيخ عكرمة صبري إن الاعتداء الإسرائيلي الجديد الذي تكرر في غضون أيام "يمسّ حرمة المسجد الأقصى المبارك ويتعارض مع حرية العبادة".
وأضاف لـ"الغد" خلال تواجده أمس في عمان إن "هذا العمل العدواني يؤكد على أن المسجد الأقصى ليس مباركاً ولا مقدساً بالنسبة لليهود".
وأكد أن "تمسك المسلمين بالأقصى هو تمسك عقيدة وإيمان، حيث لا يسمحون بانتقاص حرمته ولا بالتنازل عن ذرة تراب منه"، معرباً عن "استنكاره واستهجانه لاقتحام جيش الاحتلال للمسجد بعد صلاة الجمعة، حيث يريد كم الأفواه وقمع إرادة الشعب الفلسطيني".
وقال إن "ما جرى أمس لأمر محزن ومؤسف، وقد تكرر سابقاً، ما يضع القمة العربية، المقرر عقدها في نهاية الشهر الحالي في ليبيا، أمام مواجهة الأحداث الجارية في القدس المحتلة".
وأوضح أن "الهيئة الإسلامية العليا في القدس المحتلة قدمت مذكرة إلى القمة العربية من خلال الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى تطالب فيها بإدراج موضوع القدس والمسجد الأقصى المبارك على جدول الأعمال".
وأضاف "طلبنا في المذكرة تحديد ميزانية للقدس المحتلة تقدر بنحو 500 مليون دولار سنوياً، والحفاظ على المقدسات وتبني بناء مشاريع إسكانية في المدينة المقدسة".
وقال "من واجبنا تذكير الملوك والرؤساء والزعماء العرب بموضوع القدس بشكل مستمر، وتحميلهم مسؤولية الحفاظ عليها وحمايتها"، معرباً عن أمله في أن "تكون القمة العربية القادمة على مستوى الأحداث والتحديات القائمة".
تنفيذ الرغبات اليهودية المتطرفةوأشار إلى أن "الاقتحامات الإسرائيلية المتكررة تهدف إلى السيطرة على المسجد الأقصى تنفيذاً لرغبة الجماعات اليهودية المتطرفة لاحتلال المسجد وهدمه تمهيداً لبناء الهيكل المزعوم".
وقال إن "إجراءات الاحتلال تصب في تهويد المدينة المقدسة والسيطرة على المقدسات الإسلامية"، لافتاً إلى "وجود إجماع إسرائيلي، من اليمين واليسار، لهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم مكانه، بدليل أن المجسم الذي يتعلق بالهيكل المزعوم موجود في ساحة البرلمان الإسرائيلي "الكنيست"".
وقال إن "الاحتلال يهدف في النهاية إلى إعطاء غطاء يهودي للقدس المحتلة وطمس الحضارة العربية الإسلامية، وقد بدأ في تنفيذ المخطط وتغيير معالم المدينة المقدسة بتغيير أسماء الشوارع والميادين والساحات العربية بأسماء يهودية، إضافة إلى هدم المنازل ومصادرة الأراضي وتكثيف الاستيطان".
واعتبر أن تزامن اقتحام أمس مع قرار لجنة المتابعة العربية الأربعاء الماضي باستئناف مفاوضات فلسطينية – إسرائيلية غير مباشرة، يدل على أن "الاحتلال ليس معنياً بالمفاوضات ولا بالسلام".
وقال "لا أعوّل على المفاوضات، سواء كانت مباشرة أم غير مباشرة، في ظل استمرار الاستيطان الذي لم يتوقف في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، فحتى لو بدأت المفاوضات فستكون مجرد إطالة لعمر الاحتلال ولن تسفر عن نتائج عادلة ولا عن تحقيق الحقوق الفلسطينية المشروعة".
واعتبر أن القائمة الإسرائيلية التي أعلن عنها مؤخراً وتضم 150 موقعاً دينياً وتاريخياً عربياً إسلامياً من أجل ضمها لقائمة التراث اليهودي، تدل على "الإفلاس الحضاري لليهود، لأنه ليس لهم أي تراث ولا حضارة في فلسطين، ولم يثبت أن لهم أي تراث ولا حضارة فيها، فيريدون سرقة حضارة المسلمين ونسبها لأنفسهم".
ورأى أن الإجراء الإسرائيلي الأخير بضم الحرم الإبراهيمي الشريف ومسجد بلال بن رباح إلى التراث اليهودي يشكل "قراراً خطيراً ومرفوضاً"، داعياً "المنظمات الدولية، بما فيها منظمة التربية والثقافة والعلوم (اليونسكو)، للتدخل وإلغاء هذا القرار".
ولفت إلى "جهود وتحركات تقوم بها الهيئة الإسلامية لإلغاء ذلك القرار، حيث وضعت اليونسكو في واقع الأحداث القائمة".
واعتبر أن "المخاطر ما تزال محدقة بالمسجد الأقصى طالما بقيت الأطماع اليهودية به قائمة، وما دام الاحتلال جاثماً على الأرض"، داعياً إلى "التيقظ والحذر لصد تكرار أية محاولة جديدة لاقتحامه".
يا الله وين العرب
تحياتي
أخوكم shadilolo