×° احْتِضَارٌ مَعَ تَهْنِئَةٍ رَمَضَانِيَّةٍ ×°

أصمتُ كثيراً هذه الأيام ..

بملامحَ باهتةٍ فاقدةٍ لمعنى الحياةِ ..

أنصتُ لضجيجِ الحزنِ القابعِ بينَ ممراتِ القلبِ المظلمة ..

وأهيمُ في أرصفةِ الروحِ القديمة ..

أحاولُ أنْ أشعلَ فيها قناديلَ الفرحِ الخافتةِ ..

ومشاعلَ الحبورِ البائسة ..

ولكنْ دون جدوى ...!!!



فاليأسُ قد صعقَ فيافيَّ الأملِ في أعماقِ أعماقي ..

وأدَ الحلمَ وقضَّ مضجعَ الأماني ..

بعثرني إلى سراب ٍ في رزنامةِ الأيام ..

هزمّ لغتي و جفَّ معه حبرَ قلمي .. فانتهى كلُّ الكلام ..



كلُّ شيءٍ باتَ له نهاية .. تلكَ التي لطالما كرهتها ..

سوى " الألم " .. فليسَ له نهايةٌ منشودة ..

بل بدايةٌ متجددة ..

يُسْعِرُ نارها زيتُ " الذكرى " التي تعتصرني وجعاً و بؤساً ...

يجثمُ على قلبي جحيمها فتحرقُ أوردتي ...

يلتهبُ نبضي ..

وينصهرُ كلُّ جزءٍ حيٍّ في داخلي ..

المؤلمُ حقاً محاولاتي الفاشلة لتوديعها ..

وكأنّها فردتْ شباكها حولَ كهفِ القلبِ ...

وغزلتْ أنسجتها حولَ معصمِ الروحِ ..

فباتَ الانعتاقُ من عالمها مستحيلاً ..

و استحالتِ الهجرةُ منْ أوطانها نفياً ..



محرقةٌ جداً تلكَ التفاصيلِ الصغيرةِ التي يصعبُ علىَّ اختزالها في عالمِ الورق ...

تدورُ وتدورُ و تدورُ بيني وبيني حدَّ السقوط ..

سقوطٌ لمْ يكنِ الأوّلِ من نوعه ..

وإن تشابه بغيرهِ في حِدةِ الوجعِ وإيغالِ نصلِ الألم ..

سقوطٌ في قعرِ الهاوية ..

يتلمسُ بردَ " صدق " .. لا يتسمُ " بالقهر " ..

لا يتصفُ " بتقديسِ الذات " ..

صدقاً مبجلاً مقدّساً .. كنتُ أرى " حبيبتي " قدْ خُلِقَت منه ...

رباه ...!!!

هلْ ما يطلبهُ سقوطي قد أغارتْ عليه جيوشُ المستحيلِ ...!!!

فأشعلتْ حرباً ضروساً ليسقطَ " السقوطُ " صريعاً ..!!!!

أمْ أنَّ " الصدقَ " ليسَ سوى رايةُ حربٍ حُمْلتْ على أسنِّةِ السيوف ...!!!

وانتهى الأمرُ بها ملطخةٌ بدماءِ النكران و مدنسّةٌ بكفرِ الكذبِ و براثنِ الجحود ...!!!

رايةٌ أمسكَ بها سقوطي فسقطَ سقوطاً هوَ أعمقُ من كلُّ سقوط ...!!!!

حاولَ النهوض ...!!!

فلمْ يستطع ..




و كذلك أنا أشبهُ " سقوطي " كثيراً

لمْ أستطعِ حتى الآن النهوضَ من تابوتِ حبكِ اللعين ..

لمْ أعدْ قادر على تضميدِ تلكَ الجروحِ النازفةِ بلا هوادةِ من وحشيةِ رحيلك ...

رحيلكَ الذي اخترتَ أن يكونَ بالتحديد ِفي " يومِ ميلادي "

لتجسدَ منْ هذا اليوم " اليتيمِ السعادة " في تقويمِ أيامي ...

مأتماً لإعلانِ وفاةِ " قلبي "

وإطفاءِ شموعِ الفرحِ في أعماقي ...




" كلُّ عامٍ وأنتِ حبيبي "

ِحينَ انسلّتْ تلكَ الجملة من بينِ شفتيك ...!!!

حزنت كثيراً ... وأشفقتُ على نفسي من فرطِ حزني ...!!

على عمرٍ مضى قبلك ... قضيته دونك ....

وما زالَ فكري حتى الآن ينبشُ في مستقبلِ السنين ...

و ما موقعكَ بها ...!!

هل ستغدو ذكرى سوداء اندثرتْ مع تعاقبِ الأحزان ...!!!

أمْ ستظلُّ حياً في أعماقي كما أنتَ الآن ...!!!



أضحيتُ تائه ... مجنون ... بل منبوذ حقاً منّي ...

تسللَ الخريفُ إلى أغضانِ شبابي ..

فتساقطتْ وذبلت ..

شِخْتُ حقاً .. وشاختْ مشاعرُ الأملِ بداخلي ..

استنزفتُ كلَّ وسائلِ السعادة لنسيانك ..

ولكنْ سجلاتُ الذاكرة ترفضُ طيَكَ بينَ أوراقها ..

وتأبى ركنكَ في أرشيفها ...

حتى في صلاتي ... أدعو الله أن ينزعَ عنّي حبك ...

و أنْ يتوبَ عليَّ من حكايتك ...

و يوزعني الصبرَ في رحيلك ...

ويلهمني النسيانَ لصنمِ مثاليتك ...

و في ذاتِ الوقت ... تردعني عصى الخجل ...

بدعوتهِ بأنْ يعيدكَ إليّ ...

فامتلككَ من جديد ...



صدقيني ...

لا أطمعُ منكِ تهنئةً رمضانية ...

فلنْ أكونَ بخير ... مهما قلتَ ... ومهما نمقتَ من الكلمات ..

ولكنْ أطمعُ منكَ تمهيداً لسبيلِ نسيانكَ ...

و إرشاداً لطريقِ الإقلاعِ عنك ...

قبلَ أن يقبلَ العيد ...

فيضحي هو الآخر " حالةُ عزاء "

لا أرغبُ في التشرذمِ حزناً أمامَ الغرباء ...

لا أرغبُ في استنفارِ شفقةِ الأصدقاء ...

لا أرغبُ في تأليفِ قصائدِ الحزنِ وترديدِ أبياتِ الرثاء ...

جلَّ طمعي في نسيانك قبلَ أن يستنبتَ الموتُ على روحي سنابلَ عنقاء ..





أدركُ أنَّ ما أكتبه لا يشكّلُ فرقاً لدى قلبك الذي لمْ يغتسلْ بعد منْ جنابةِ القسوةِ ....

أدركُ أن ما أكتبه لا يقضي وطرَ الدفء مع عينيك َ التي جافتِ الدموعَ منذ زمن ...

أدركُ أنَّ ما أكتبه قدْ يشبعَ غريزيتكَ السادية في التلذذِّ في تعذيبي ....

أدركُ أنَّ ما أكتبه لمْ يعدْ يملكَ التأثير َ في شرايينِ قلبك ...

وكلُّ ما أدركه الآن و لا تدركه أنني أحتضر ...

فاقطعْ لي وعداً بأنْ تدعوَ لي بالرحمة ...!!!

10 / 9 /2008

في لحظةِ هذيان

حياة الروح