مقتطفات من حياة فيرووز والرحبانيه ....
"ليست الموسيقى لغة العواطف فحسب،بل هي لغة الفكر والفهم ايضا.إنها لغة النفس الإنسانية بكل ظواهرها وبواطنها،ويمكن القول بأن الموسيقى تتناول العواطف الأولية والحالات النفسية على أنواعها والأصوات على اختلافها والشعر والأدب والفلسفة.
ومن هذه الوجهة لا يمكن تقسيم الموسيقى إلى قسمين :شرقي وغربي ،وإنما يمكن التمييز بين الأساليب الشرقية والأساليب الغربية في التعبير عن المعاني النفسية المقصودة من الموسيقى ،وبين أصناف هذه المعاني عينها.
فمتى كانت الموسيقى الغربية تعبّر العواطف والحالات النفسية التي تعبّر عنها الموسيقى الشرقية عينها لأمكن فهمها بكل سهولةوإن اختلف أسلوبها"
فالموسيقى لغة عالمية بامتياز.
يعتبر الفنان المبدع الراحل"عاصي الرحباني"مؤسس الظاهرة الرحبانية بحق،
هذه الظاهرة الممتازة والمتميزة ،والتي لم تشغل العالم العربي فحسب، بل شغلت العالم أجمع وعلى مدار عقود من الزمن،فهي تستحق الدراسة والتحليل لما أفرزته خلال مسيرتها الطويلة من إبداعات فنية على صعيد الموسيقى ، الغناء،التمثيل ،الرقص،الدبكةالشعبيةوالشعر.ويمكن القول بأن الظاهرة الرحبانية تنقسم إلى مدرستين مهمتين:
"
- مدرسة الآباء ،وهي الأساس وتضم عاصي وفيروز ومنصور والياس .
- مدرسة الأبناء،وتضم زياد ومروان وغدي وغسان .
لقد خرّجت مدرسة الآباء الرحابنة عشرات الفناين المتميزين ،فعدا فيروز كل من :نصري شمس الدين،وديع الصافي،هدى حداد،أنطوان كرباج،وليم حسواني،جوزيف عازار،هيام شماس،ملحم بركات،إيلي شويري،.....الخ.
لقد آمن الرحابنة بأن للفن رسالة في المجتمع ،لذلك لم يكونوا مرآة تعكس الواقع المظلم في مجتمعنا فحسب ،بل شكلوا منارة تشع قيما وأخلاقا ومحبة لإنقاذ مجتمعنا من تخبطاته ،فركزوا في أعمالهم على الإرتباط بالوطن ونبذ الهجرة والتأكيد على وحدة الجوهر في الإنجيل والقرآن ،وهذا واضح في نتاجهم كلّه،وخصوصا في المسرح الرحباني.
فمسرحيات "جبال الصوان"،"ميس الريم"،"لولو"،"يعيش يعيش"،"بياع الخواتم"،
والكثير من الإسكتشات والأفلام مثل:"بنت الحارس"،"سفربرلك" ،كلها تشهد لما تقدم من كلام.
وتعتبر "فيروز" واجهة المدرسة الرحبانية،لما تتمتع به من صوت رائع،وحضور
ملفت على الخشبة،إن في الغناء او في التمثيل،لقد ملأ الرحابنة و"فيروز"
فضاءنا كلّه من خلال مسيرة فنية متميزة وعلى امتداد عقود عديدة من الزمن،
لقد غنوا الوطن بأرضه وشعبه ومدنه وقراه وأنهره وأشجاره وأزهاره وجباله
وسهوله ووديانه وسمائه.
فمن"بحبك يا لبنان" إلى"يا شام عاد الصيف"إلى"عمّان في القلب"إلى"بغداد"
إلى"القدس في البال" ،ومن"جبل صنّين"إلى"جبل الشيخ"،ومن"عينطورة"إلى
"مشغرة"،ومن"بردى"إلى"نهر الأردن"،كان صوت فيروز يغني أرض الوطن بحنان منقطع النظير.
لقد عمد الرحابنة إلى تطويع الأساليب الموسيقية الغربية بطريقة تناسبنا،
لا سيّما السيمفونيات الخالدة ،والمقطوعات الموسيقية العالمية ،فابدعوا و
ابتكروا ما أدهشنا فعلا،وكذلك من نصوص الأساطير القديمة،عدا تطويع النص الجبراني غناء الجبراني غناء وخصوصا كتاب"النبي" وقصيدة"المواكب".
بالإضافة إلى إعادة إحياء التراث الأندلسي ،بموشحاته الرائعة،وتراث بلادنا من العتابا والميجانا،والقدود والمواويل.
وأخيرا ،فإن الموسيقى الرحبانية تغذي كل عواطفنا وكل تصوراتنا وأفكارنا،وتظهر بواسطتها قوة نفسيتنا وجمالها،وقد كان للمدرسة الرحبانية عميق الأثر في ترسيخ محبتنا لأرضنا وتشبثنا بكل ذرة رمل وقطرة ماء فيها،
كتشبث الجذر بتربته .
اتمنى ان تعجبكم
ذكرى
منقوووول