أيها الحزن ماذا أبقيت لنا ..؟؟
لسبب ما نصاب أحيانا بالحزن..ربما لفقدان شيء يعني لنا الكثير..أو لرحيل إنسان غالي على قلوبنا بحيث لا نستوعب فكرة رحيله عنا ..ولا نملك القدرة على مواجهة واقع غيابه..... ونرفض الواقع
نصاب بالحزن العميق حين نتعرض لخيانة عظيمة او لرؤية واقع بشع فتتألم قلوبنا وتحزن أرواحنا.
وعندها يتجول بنا إحساس الحزن.... وقد يأخذ دورته القصيرة بنا ثم يرحل بلا بصمة غائرة أو أي أثر يُذكر بحيث لا تحمله قلوبنا ولا تتأثر به أرواحنا ..أو قد يتضخم الحزن بنا بشكل مخيف وغائر بحيث يترك اثراً واضحاً بحيث يتفرع فينا كالأشجار العتيقة..ويصبح مع الوقت شيئا لا يمكننا التخلص منه لأن أعماقنا أصبحت لجذوره وطنا ومسكناً وسار بشرايين الدم وتشبع الجسم منه وفاضت منه الروح .
وبقاء الحزن بنا يفقدنا الكثير ..فمع الوقت نصبح أسرى للحزن....ونبقى سجناء مكبلين بقيود وأغلال ضمن دائرة ضيقة من الحزن ونفقد إحساسنا بمتعة الأشياء وطعمها....ونفقد الإحساس بالحياة ذاتها فلا نرى من الوجود سوى وجه الحزن الذي ينمو مع الوقت بنا كجنين غير مرغوب فيه .
وكلما مر بنا العمر كلما كان من الصعب علينا التخلّص من الحزن..لأننا ويدون دون أن نشعر نتشكل به ونصبح متوحدين بالحزن ككتلة يتحاشاها الآخرون تجنب العدوى الحزن..فالحزن إحساس ينتقل منا كالعدوى إلى الآخرين.
وقد نكتشف حجم الوحدة من حولنا حين نكتشف تقلّص عدد المحيطين من حولنا..أو لغياب الناس من حولنا فلكل منا همه الذي لم يبق فيه لهموم الآخرين مكان..فنحن في زمن لا يمنح الفرح إلا قليلا..لذلك نرى تسارع الأغلبية لكل مافيه للفرح رائحة..وتجنب أهل الحزن تجنب اللمزيد من الهم.
ونشعر أحيانا بأن معجزه ما قد حدثت ..وأن الحزن قد غادرنا أخيرا بلا عودة..لكننا سريعا ما نعود للشعور بالإحباط حين نكتشف قصر عمر الفرح في عمرنا..وحين نكتشف أن الحزن كان يمازحنا حين اختبأ عنا ربما كي يظهر بصورة أقوى.
لكن ، إلى متى ؟
إلى متى سنبقى أوفياء لحزن عتيق ؟ إلى متى سنحتفظ بصناديق الحزن في أعماقنا ؟
إلى متى سنبقى سجناء دائرة مظلمة ؟ إلى متى سنبقى خلف الحائط الفاصل بيننا وبين الفرح؟
إلى متى سنبقى متسترين بملابس الهم والوهم ؟إلى متى سيبقى قيدنا في يد الحزن..يسحبنا ، يجرنا ، يأخذنا إلى مدن بعيده عن الحياة؟
محاولة أخيرة للتحرر
إذا كنت من ضحايا الحزن طويلا لأمد فاسأل نفسك : ماذا أبقى الحزن لك ؟
واسأل الحزن :
أيهــا الحزن ، ماذا أبقيت لي ؟
تحيــــــــــاتي للجميــــــــع