أفلام الكارتون تأثيرها السلبي وارد ولو بعد حين
تنادى المربون في السنوات الأخيرة لرصد خطر أفلام الكرتون القادمة إلينا من بعيد، وأصبحت من أهم عوامل التأثير في الأطفال، ولأن الأدب هو نتاج الفكر والمعتقد فإنه من المؤكد أن يتأثر نص الفيلم والسيناريو بثقافة وعقيدة الكاتب ونظرته للحياة، ومن هنا تأتي أهمية الإنتاج الكرتوني الخاص بنا نحن المسلمين. لقد مهدت أفلام الكرتون والثقافة الواردة إلينا منذ عشرات السنين لاستقبال السوبرمان ورجل الكوبوي الأميركي. قصص كثيرة سمعناها تستدعي إعلان حالة الطوارئ في أوساط النخب الثقافية للإسراع في تقديم البديل الإسلامي.
أهمية التلفاز في إعلام الطفل
في الاستبيان الذي شمل ثلاث مدارس للأطفال (ذكوراً وإناثاً) تبين أن .61% من الأطفال يعتمدون على القنوات الفضائية في مشاهدة أفلام الكرتون، الأمر الذي أكد لنا خطورة الدور الذي يلعبه هذا الجهاز الصغير في بيوتنا. وتقول الباحثة الاجتماعية فدوى كركشان ‘’إن التلفزيون أصبح من أخطر المصادر الموجهة للطفل لما له من جاذبية خاصة بسبب سهولة نيله وإدراكه، فهو ينمي الجانب الاجتماعي في الطفل حيث يتبادل مع أقرانه الحديث عما شاهده في التلفاز، إضافة إلى كونه عاملاً مهماً في صقل وجدان الطفل وأحاسيسه بما يغمره من جو الترفيه والتسلية، كما أنه مصدر للمعرفة ومزود قوي للخبرات والمهارات، وعامل مهم في إثارة خيال الطفل بما يقدمه من صور وتمثيليات بألوان ومؤثرات جذابة.
كما يرى حسان المالح أن التأثير الذي يظهر على الفرد عموما يكون أكثر وضوحاً من خلال التلفاز أو الصورة المرئية كالسينما والفيديو، لما تمتلكه هذه الأجهزة من مؤثرات سمعية وبصرية وتقنيات ذات جودة عالية، وفي حالة الأطفال فإنهم عادة ما يكونون أكثر استجابة لتلك المؤثرات.
أهمية الأفلام الكرتونية
وحول سؤال عن عدد الساعات التي يقضيها أولادنا في مشاهدة أفلام الكرتون أتت الإجابات على النحو التالي :
؟ ساعتان ( 55% )
؟ ثلاث ساعات ( 21% )
؟ أكثر من ذلك ( 24% )
ويرى أسامة جستنية أن أفلام الكرتون من أهم وسائل التثقيف للطفل عندما يتم مقارنتها بالوسائل الأخرى مثل الكتاب والكاسيت والوسيلة التعليمية.. الخ لإمكان تحقيق التشويق من خلال هذه الوسيلة لتنفيذ أي فكرة، خصوصا الأفكار الخيالية، فإن فيلماً كرتونياً واحداً لمدة ثلاثين دقيقة يساوي في أثره آلاف الكتب وهذا لا يعني التقليل من شأن الكتاب الذي يأتي في مقدمة الوسائل التعليمية التثقيفية الترفيهية المهمة وهو ليس مجال نقاشنا الآن، ولا بد أن نواكب العالم ولو في جانب إنتاج أفلام الكرتون التي تواكب التطور المذهل في عالم تقنية المعلومات، لقد أتى رأيي هذا من خلال مباشرتي اللصيقة لعالم ثقافة الطفل والذي أؤكد من خلاله أن الأمر في غاية الأهمية ولابد أن نتكاتف لإنتاج عمل ذي هدف واضح ومحدد مع ضمان استمرارية العمل حتى نستطيع أن نجذب الطفل المسلم إلى المفاهيم الإسلامية الأصلية.
كما تؤكد الأستاذة اعتماد الشريف أن كثيرا من الأهالي يقومون بتشفير قناتي سبيس تون ووالت ديزني لأبنائهم ويعتمدون عليهما كمصدر أساسي في مشاهدة أفلام الكرتون وغيرها. ويعتبر إدريس الكنبوري أن أفلام الكرتون رسالة تثقيفية وحضارية فيقول ‘’إن أي منتج ثقافي، مهما تنوع مرسلوه أو المرسل إليهم، هو رسالة حضارية وثقافية تحمل مضموناً معيناً يراد تبليغه، وتظهر فيه البصمات الحضارية الخاصة. كما أكدت غادة عنقاوي على تأثير أفلام الكرتون في شخصية الطفل فقالت ‘’الأمر الثابت الذي ينبغي على المربي معرفته هو أن الصور والأصوات ترتب في ذهن الإنسان بمواقف وتجارب الحياة، وبالحالة النفسية التي يكون فيها لحظة المشاهد أو الاستماع، وهو ما يسمى في عالم البرمجة بالرابط أو الإرساء، وهو أمر طبيعي يحدث في كل لحظة من لحظات حياتنا’’.
كما أكدت فوز عبد اللطيف كردي هذه الأهمية لأفلام الكرتون في صياغة شخصية ونفسية الطفل فقالت ‘’إن الطفل كما هو معلوم مولع بالمحاكاة التي يعتمد عليها كثيراً في تعلمه والتي تثبت دراسات التعليم فاعليتها كطريقة في إكساب المهارات والاتجاهات. وقد أثبتت أفلام الكرتون القليلة التي انتهجت هذا المنهج نجاحاً باهراً لاعتمادها على الصوت والصورة والقصة وهي ثلاثة جوانب يحبها الطفل ولها أثرها في التربية والتعليم’’.
إيجابيات أفلام الكرتون
يقول إدريس الكنبوري ‘’إن أفلام الكرتون تعطي الطفل فرصة الاستمتاع بطفولته وتفتح مواهبه وتنسج علاقاته بالعالم حوله. وتؤثر في وجدان الطفل، إلى الحد الذي يحقق حالة التماثل القصوى، لأن الصورة المصحوبة بالصوت في المراحل المبكرة للطفل تتجاوب مع الوعي الحسي والحركي لديه، وتحدث استجابات معينة في إدراكه، تساهم فيما بعد في تشكيل وعيه وتصوره للأشياء من حوله، لأنه يختزنها وتصبح رصيده الثقافي والوجداني والشعوري. لكن الصورة والرسوم ليست مستقلة عن الأبعاد الثقافية وعن الهوية الحضارية، فالصورة في نهاية الأمر وسيلة تبليغ وأداة تواصل وجسر بين الطفل والرسالة المحمولة إليه’’. بينما ترى فوز كردي صعوبة في تحديد نقاط إيجابية في قولها ‘’ربمــا من الصعب تحديــد نقاط إيجابيــة ونسبتهــا لأفلام الكرتون عموماً، إنما لفيلم خاص بعينه.. فهنــاك أفلام كرتونية تخدم جوانب معينــة في حياة الطفــل، وفي الوقــت نفسه تهــدم جــوانب أخرى’’.
سلبيات أفلام الكرتون المستوردة
نلمس هذه السلبيات في كلمات ميسرة طاهر حين قال محذراً من الآثار الناتجة عن اعتماد أفلام الكرتون على الإثارة والعنف، ويؤكد أن تلك الآثار تخزن في العقل غير الواعي للطفل مما يجعل احتمال تأثيرها السلبي وارداً ولو بعد حين. وقد أجرت المنار استبياناً على مجموعة من الآباء والأمهات معظمهم من المثقفين وطرحت عليهم السؤال الآتي: هل تشعر بخطر على طفلك من مشاهدة أفلام الكرتون - فكانت الإجابة كالآتي:
* 56 % يشعرون بخطر على الطفل.
* 37 % يشعرون بالخطر أحياناً.
* 7 % لا يشعرون بأي خطر على الإطلاق.
مما يؤكد أن أكثر من 50 ./. لديهم الاستعداد للتفاعل مع أي دراسات أو توصيات تصدر في هذا الشأن، مما يلقي المسؤولية على المؤسسات الأكاديمية المعنية .
الخطر العقدي
تمثل العقيدة جانباً مهماً ومحركاً في حياة الأفراد والمجتمعات، وبعد أن أوضح استبيان المنار أن 55 % من المستطلعين أبدوا تخوفهم على عقائد أبنائهم، توجهت المنار إلى فوز الكردي بالسؤال التالي: هل هناك خطر عقدي يستهدف الطفل المسلم من أفلام الكرتون؟ فقالت ‘’أحذر من خطورة تقبل أبناء أمة الإسلام لثقافات الشرق والغرب كالثقافة الأميركية والصهيونية واليابانية والصينية، ومن ثم انتشارها بين أبنائنا مما يعني وجود غزو فكري، لأن هذه الأفلام قائمة على الصراع الدائم بين أمير الخير وأمير الشر وإن كانت في أصولها الأجنبية تمثل (آلهة الخير وآلهة الشر) مما يشير إلى ثمة علاقة بينها وبين الديانات الشرقية كالطاوية والشنتوية والبوذية في الطقوس والحرب’’.
كما يلاحظ وجود بعض الأفكار والأسماء الوافدة مع الألعاب تحمل غموضاً يُخشى من ورائه وجود أفكار دينية من بوذية وكنفشيوسية وأديان التبت عموما كفكرة التأمل لاستمداد الطاقة من قوة عليا. وبعضها يحوي أفكاراً غامضة في التطور والنمو، ويُخشى أن يكون غرضها خدمة النظرية الداروينية التي تتصادم مع الدين الإسلامي في فكرة خلق الإنسان..وتضيــف الدكتــورة فوز ‘’إن أهم الرسوم المتحركة يكمن في الأخطاء العقدية حيــث فكـــرة القوة الخارقة والقدرات المستحيلة لدى سوبرمان أو ميكي ماوس القادم من السماء لخدمة المظلومين، وفيه منازعة لصفات الربوبية لله تعالى.كما أن فيها إيحاء للأطفال بمفاهيم غير صحيحة تقــدح من ثم في اعتقادهم وتوكلهم على الله وغير ذلك..’’