نجوى كرم في جديدها لبنانيّة عن ظهر قلب

لا أدري لماذا قدر لي سماع الألبوم الجديد للفنانة اللبنانية نجوى كرم قبل غيري من الناس، وربما ذلك تكريمًا على أنني املك حاسة استثنائية لا أدعيها بالطبع...
بل على العكس، أحاول الهروب منها كي لا أصاب بداء المجاملة الذي يجعلني أكذب أمام كل هذه الثقة التي أخضع لها تجاه فنانة استطاعت أن تثبت أنها ضد التيار وقامت بتقديم لون أصبح حالة خاصة في العالم العربي، ومرات عدة صودف وجود متعهدين أمامي يريدون تنظيم حفلات خصوصًا في الدول الاوروبية، كانوا يسألون الفنانة التي تريد العمل إن كانت تجيد لون نجوى كرم، وذلك يعني انه مطلوب ليس في لبنان بل في كافة الدول العربية وحتى الأوروبية.

لم يكن حضور نجوى كرم بداية متابعة لمشوار بدأته غيرها، ولا أريد هنا الغوص في بحر التسميات الاّ أنني وجدت في هذا الصوت الزحلاوي حكاية اسمها الفن البلدي الذي يؤجج الفرح في النفس، ويجعلها تعود إلى لغة الارض والتراث والاصالة اللبنانية، خصوصًا أنها أطلت من على تلة بقاعية وسددت ضربات قوية في سلة الركود الفني الذي شهد منذ سبعينات القرن الماضي ولادة نجوم الاغنية اللبنانية أمثال وليد توفيق وراغب علامة وعاصي الحلاّني، ونجحت وأعادت بنا الذاكرة الى أيام العز اقصد صباح "شحرورة الوادي" والتي حملت لواء الأغنية اللبنانية وطافت به العالم العربي ودفعت الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب لحياكة لحن بكلمات لبنانية الصنع في رائعتها "عالضيعة ياما عالضيعة"
لكن نجوى استطاعت الخروج من الوادي، الاّ انها إلتزمت بالغناء اللبناني واطلقته من جيد الى العالم بلون متفرد واداء جديد، لا بل عصري اعتمد على الاغنية القصيرة فسميت شمس الاغنية اللبنانية ومع ما تمثله شمس لبنان من خصائص مناخية للعالم استطاعت نجوى كرم بعد كل هذه السنوات الفوز بما اختارت وتربعت على عرش اللون الشعبي فأصبحت سيدة التلة واذكر تمامًا أنني حضرت نجوى كرم في مهرجانات وحفلات، وكلها بلغت حدودًا من التجاوب الاستثنائي لجمهور متأصل بهذا الاداء لا بل مأسور بصوتها اللبناني ولهجتها الشعبية المحببة، وموالها الذي يذكرك انك ابن الحياة والطبيعة وبعلبك وزحلة في "وادي عرايشها..."
هيدا حكي
نجوى التي حملت لواء الاغنية اللبنانية تزهو اليوم بألبوم من ثماني أغنيات صدر في الثلاثين من أيار (مايو) عن شركة روتانا وتعود الى سابق عهدها تؤكد حضورها بصوت لا يشبه كل ما أصبح سلعة متوفرة لمن ليس لهن عمل سوى التصدر أمام الكاميرات والغناء على ظهر البطن بدلاً من الالتزام على الاقل بأصول اللعبة والمغني.
بحثت نجوى كرم في "هيدا حكي" كثيرًا وانتظرت ربما أكثر.. سمعت مئة أغنية وعشرات الالحان حتى قررت صدوره بعد غياب اعتبره بعضهم طويلاً لكنه لا بأس لو جاء مدروسًا "للحكي الجديد" وهي اليوم تتأبط ذراع الحلم من جديد، فتؤدي هيدا حكي بطبعة منقحة في الاداء الموسيقي أولاً والكلمة ثانيًا و"لو ما بتكذُب" تداعبها ببساطة نجوى وأسلوبها ..هناك الدلع والموسيقى وايحاءات قريبة من لغة جمهورها الكلمات ولو لم تأت بجديد على صعيد النظم، انما بدت حالات لما يشهدها السوق للعشق والعتب والنصيحة والوفاء.
ثم تؤكد انها" الحنونة" وهي كذلك "والحنية في اللبناني " صفة تلازم الفتاة خصوصًا بنات القرى، وعلى الرغم من مشاكلها العائلية تخاطب نجوى كرم هنا ربما اشقائها الذين صرحوّا حول خلافات البيت ونشروا الغسيل العائلي لكنها التزمت الصمت أمام الكلام الذي انتشر بسرعة الصاروخ واثار جدلاً واسعًا في الاوساط الفنية والاعلامية و لم يقلل من وهج الشمس..!
يعترف عماد فرحات مدير التوزيع في روتانا لبنان أن مبيعات نجوى بلغت في اليومين الاولين من صدور"هيدا حكي" 10 الآف نسخة على الرغم من الاوضاع السياسية والامنية التي يمر بها لبنان والعالم العربي، واعترف فرحات لـ "ايلاف" أن التزوير كان حاضرًا في اكثر من منطقة لبنانية وصادرت القوى الامنية العديد من أماكن التزوير لكن نجوى مطلوبة بحسب فرحات وذلك يؤكد وجودها بل هي من المسلمّات الفنية العربية والاّ ما كان الطلب على البومها الجديد بهذا القدر.
تنحو نجوى كرم في "انا روح" الى الهدوء والعتب بصوت يعترف بالانكسار والكبرياء والاغنية مفاجأة من كاتب اسمه محمد شحاده وألحان وسام الامير وتوزيع طارق عاكف الذي يظهر نجوى من سنوات بصورة تقنعها أولاً وأخيرًا وحافظت على ايقاعات طوني عنقة أيضاً الذي يرافقها من البدايات ولعلها أصابت في المستوى الموسيقي للالبوم عمومًا...

في الشكل الهاجس لا يتبدد من عيون نجوى تحاول دائمًا أن تسمع كلام من حولها من اصدقائها الذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة(!) وذلك بالتنسيق الكامل مع روتانا في قسمي الشؤون الفنية والتسويق، وهكذا فإن صوّر الغلاف اكتملت بين الفريق المقرب (بالصداقة) الذي يجمع بين طارق أبو جوده مدير أعمالها ونجل شقيقتها سلوى وبين المصور دافيد عبدالله الذي استمتع لفكرة خبير التجميل بسام فتوح فكان الذهبي لون الحياة أمام خلفية بحر(الدنيا صيف) والذهبي يتناسب مع طلة النمر ويعيد وهج الشمس بعد غياب وهو كذلك في أيار (مايو) شهر النجاح بالنسبة إلى ألبومات نجوى مع توأم انتاجها روتانا..
الصورة جيدة وتتناسب مع رؤية نجوى وجمهورها خصوصًا من نادي المعحبين وهي تماشي العصر الذي يغلب عليه اليوم طابع الفوتوشوب لكن النجومية لا تستحق الكثير من الفوتوشوب بالنسبة إلى فنانة امتلكت بالصوت والغناء قلوب الناس وحافظت على ذلك لأكثر من عقدين..
نجوى كرم في هيدا حكي تمتص بالصوت الشارع اللبناني الباحث عن مرتع للفرح وتعيد عشاق التراث والاغنية الشعبية الى قواعد ثابتة لا تتغير مع الزمن ربما تجوب في ذهن بعضهم... تروح وتجيء لكن مقياسها الحقيقي هو تفاعل الناس مع هذا الجديد من خلال الوقوف على تاريخ ليس طويلاً لكنه تاريخ من ينكره هو ناكر للفن والاصل في ذاته.. وهي أخيراً لبنانية عن ظهر قلب تنادي القلب والموال وتكلف طارق عاكف المصري بذكاء بالتوزبع الموسيقي .. كأنها تمزج هذا بذاك وهنا جزء من التفرد الآخر في صيغة الجمل الموسيقية للأغاني.. ويقرر قسم التسويق في روتانا أن يخصص لها اعلانين "لهيدا حكي" الاول باللهجة اللبنانية والثاني باللهجة المصرية لان قلب نجوى اليوم معلق بلبنان أولاً الذي حملته من زحلة وأسقته جرعتان زائدتان من المغنى مرة عندما رسم الشاعر الراحل عصام زغيب حكاية طفلة تحتاج الى صدر والدها الى جانب وديع الصافي وكسبت الرهان في و"كبرنا يا بييّ"ومرة ثانية مع كل عبثية ممتعة أرادها ملحم بركات ولو وطنية" في منبقى سوّا". والى القاهرة التي لم تغن لها لكنها تحبها.. كما هو الحال بالنسبة إلى أحلام الخليجية التي تعترف أن أحدًا لا يستطيع أداء اللون الخليجي مثل أهل الخليج وهذا حقها..
نجوى كرم في عملها الأخير، تعود الى التسعينات، سنوات المجد الخالص التي مهما حاولت النفوس أن تقلل من ثقلها تبقى نجوى كرم سيدة لونها بالدرجة الأولى، ولم يظهرالزمن حتى اليوم منافسًا لها يستحق الذكر ولعل التعصب احيانًا مفيد ويعكس ضوء الشمس الذي لا يغيب...

يسلمووووووووو على الموضوع يا أحلي مراسله

الله يعطيك العافيه يابطه

ارق تحيه لاحلي مراسله

حبيبتي انتي يا درب والله

مشكورة علي كلامك العسل

تحياتي لكي يا قلبي